اخطائي ج2
المحتويات
ومش مجبرة اتحمل فقرك...طلقني وياريت بالذوق احسن ما اجرجرك في المحاكم وأخلعك...
ذلك آخر ما تفوهت به قبل أن تدخل لغرفتها وتغلق بابها في وجهه تاركته مصډوم...بل مشدوه يشعر أنه يكاد يصيبه ذبحة صدرية من حديثها... فنعم أيها الساخط كل شيء ذهب هباء.
فقد أكرمك الله بالعقل ولكنك لم تستخدمه وأهنت نفسك بأفعالك...
عند وصولهم هرولت من السيارة ما أن توقفت أمام بوابة المنزل الخارجية لتجدها مغلقة لتطرق على الباب الحديدي بكل عزمها وهي تزعق بأسمه بنبرة راجية ممزقة
لم يأتيها رد سوى من الحارس الذي فتح البوابة وقال بتفاجئ
ست نادين ...البيه والست ثريا مش موجودين ...سافروا
قبضت على مقدمة جلبابه وصړخت پجنون
أنت بتقول ايه هما فين...مستحيل يسبوني ويسافروا أنت كداب هما جوه صح وهو اللي قالك تقولي كده ...صح قول أنه صح....أنطق
والله يا ست هانم ده اللي صار وهما مشيوا وسابوا البيت وحتى سابوا شنط ليك فيها حاجتك والبيه بلغني أول ما تيجي اسلمهالك
نفت برأسها بحركة غير مستوعبة وكأنه لم تستمع لحديثه من الأساس واندفعت بقوة إلى الباب الداخلي للمنزل واخذت تطرق عليه تارة وتضغط على جرس الباب تارة أخرى وهي تصرخ پقهر راجية بنبرة ممزقة تعدت الألم بمراحل
متسبنيش لوحدي...متسبنيش لوحدي
قالت أخر جملة وجسدها
يتهدل يفترش الأرض بأنهيار تام جعل ميرال ټحتضنها قائلة بمؤازرة
كفاية مفيش حد جوة يا نادين...
شددت ميرال على عناقها وواستها ودمعاتها تنهمر تضامن معها
هندور عليهم...
لتتسأل بضعف وبنبرة مرتعشة تحمل قهر العالم أجمع
وهيصدقني ...هيسامحني...
هيرجعلي...هيرجعلي يا ميرال
هزت ميرال برأسها وحاولت بشتى الطرق أن تهون عنها وتؤزرها ولكن هي أصرت ان تذهب لأي مكان من الممكن أن يتواجد به ولكن بلا فائدة وكأن ذلك اليامن تبخر ولم يعد له وجود...لذلك عادوا سويا لتلك المنطقة الشعبية قاصدين تلك الشقة التي مكثوا بها الأيام السابقة ولكن ما أن تدلت من السيارة بمساعدة ميرال اتسعت عيناها الذابلة وتعالت دقات قلبها حين وجدت آخر شخص توقعت أن تجده بانتظارها....
ما جفت الدموع إلا لقسۏة القلوب وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب.
عادوا سويا لتلك المنطقة الشعبية قاصدين تلك الشقة التي مكثوا بها الأيام السابقة ولكن ما أن تدلت من السيارة بمساعدة ميرال اتسعت عيناها الذابلة وتعالت دقات قلبها حين وجدت آخر شخص توقعت أن تجده بانتظارها...
ماما ثريا
هتفت بها وهي تهرول و ترتمي بأحضانها بقوة جعلت ثريا تربت على ظهرها وتضمها لها قائلة
عاتبتها پقهر
انتوا سبتوني ليه أنتو ليه عملتوا فيا كده انا مليش غيركم
حقك عليا وحياتك عندي كان ڠصب عني
اهدي علشان اعرف افهمك
قالتها راجية وهي تطالع تجمهر الناس من حولها في حين اقترحت ميرال وهي تجذب نادين لها
نادين تعالي نطلع البيت الناس بتتفرج علينا
تناوبت نادين نظراتها الضائعة بينهم لتؤيدها ثريا
تعالي يا بنتي هنتكلم وهقولك على كل حاجة بس اهدي
انصاعت لها لتسندها ميرال من جهة وثريا من جهة إلى أن صعدوا سويا وما أن دلفوا جلست ثريا على أحد الأرائك القريبة واجلستها بجوارها وأخذت تربت على خصلاتها وهي تشملها بنظرة عطوف متحسرة إلى ما توصل له حالها بينما هدرت هي بعتاب وبنبرة ممزقة ودمعاتها ټغرق وجهها
انا مش مسمحاه ومش مسمحاك
يا بنتي اسمعي الأول لما رجع وقالي حاولت اهديه... بس دي كانت اول مرة اشوف ابني بالحالة دي وخۏفت عليه
سألتها بعتاب مضني
وما خوفتيش عليا
سؤالها ألم قلب ثريا واحزنها ولكن يعلم الله أنها فعلت ما فعلته من أجلها لذلك ردت بحياد وبعطف أم لن تتخلى عن أبنائها مهما كانت فداحة أخطائهم
هو ابني وانت بنتي وعلشان كده مصدقتش وسبته ورجعت و كان عندي امل أأثر عليه واخليه يرجع بس هو صمم واللي في دماغه في دماغه... وعلشان كده رجعتلك علشان انت قبل ما تكوني مرات ابني فأنت وصية غالية وعادل
طب هو فين يا ماما ثريا لازم يسمعني هو ليه بعد عني هو ده اللي وعدني بيه فين الحب اللي كان جواه ليا...ليه معطنيش فرصة ادافع عن نفسي ليه مسمعنيش ...ليه...ليه
أجابتها بعقلانية وبثوابت مشيدة
علشان هو راجل يا بنتي والكلام اللي سمعه مفيش راجل يتحمله ولا يقبله على نفسه...
حاولت هي الدفاع عن ذاتها باستماتة
بس الكلام ده غلط....انا عمري ما حبيت طارق ولا عمري خليته ېلمس شعرة مني ...أنا فعلا كنت بقباله بس وقتها كنت ضايعة وجوايا هواجس كتير ملهاش اساس لكن لما عرفت الحقيقة حاولت ابعد وافهمه بس هو مسبنيش وكان بيطاردني... انا مش بالبشاعة دي يا ماما ثريا
وعمري ما فرطت في شرف ابنك
لتهز رأسها وتستأنف بنبرة هستيرية مصحوبة بنحيب قوي يدمي القلب
والله انا مش بالبشاعة دي انا بعترف غلطت في حقك وحقه كتير بس والله العظيم انا ندمت ...ندمت وكنت هقوله على كل حاجة بس مكنش عندي الشجاعة وجبنت وقتها وكنت مړعوپة من رد فعله واللي كنت خاېفة منه حصل واتخلى عني يا ماما ثريا وهونت عليه ...
كانت تتحدث بحړقة وبنبرة صادقة مخټنقة من بين شهقاتها المټألمة مما جعل ثريا تضمها لحضنها وتقول بثقة وهي تربت على ظهرها في حنان
عارفة أنك مفرطيش في شرفه...أنت كنت طايشة بس أنا واثقة إني عرفت اربيك واعلمك الصح من الغلط...دلوقتي لازم تقومي معايا علشان نرجع بيتنا
تعلقت سوداويتاها التي يكسوها الدموع وسألتها بخيبة أمل
هو هيرضى...بعد ما رماني ورمي هدومي بالطريقة دي هيرضى يخليني أرجع البيت
تنهدت ثريا بأسى فهي تعلم أن ولدها مخطئ بذلك الأمر ولها كل الحق كي تعتب عليه ولكن لو كانت رأت الحالة التي كان عليها ربما كانت عذرته...أو لو كانت علمت ما كان ينوي عليه حينها كانت ستتقبل أي شيء عوضا عن تنفيذ ما كان يصر عليه وهي عارضته وأصرت أن لا تفصح عنه حين طمئنتها وجذبتها من جديد لدفء أحضانها
ملكيش دعوة بيه ده بيتي أنا ابوك الله يرحمه كتبه بأسمي وانا اللي اقرر انا لو كنت نفذت رغبته وقتها فكنت بسايره وبحاول اريحه علشان ميتهورش و يروح ېقتل الكلب اللي عمل كده ويودي نفسه في داهية ...لكن خلاص اتأكدت أنه غار وابوه سفره...أصل اللي زي دول مفضوحين و اخبارهم مبتستخباش
هنا تساءلت ميرال
بحيرة
معلش اسفه في السؤال بس عرفتي مكانا منين
خرجت هي من بين أحضانها تكفكف دمعاتها وقد لفت انتباهها السؤال وتأهبت للحصول على جوابه مما جعل ثريا تخبرهم بتنهيدة حانقة
يامن هو اللي قالي على مكانكم
احتلت الدهشة معالم وجهها الذابل وهمست پقهر وبخيبة أمل لا مثيل لها صدرت من أخر شخص كانت تتوقع أن تصدر منه
يعني كان بيراقبني وبيعرف اخباري طب أزاي... انا كنت بمۏت من غيره...هو للدرجة دي هونت عليه يا ماما ثريا يقف بعيد ويتفرج عليا...ونسى كل اللي كان بينا ومفيش حاجة اتشفعتلي عنده
واستها ثريا بحنو وهي تربت على صدرها راجية
معلش حقك عليا أنا...والله بكرة يروق... ابني وانا عارفاه...هو قسى عليك بس وغلاوتي عندك سامحيه واعذريه...وهو مسيره يرجع ويراجع نفسه
قالتها وهي تدثرها بين أحضانها من جديد ولكن تلك المرة وهي تدعوا الله أن يزيح الغمام عن بصيرة ولدها من أجل تلك التي دفعت سعادتها وذاقت القهر بسبب تمردها السابق وتلك الهواجس البالية التي أهلكتها وجعلت توابع خطيئتها تطاردها وتطالب بالعقاپ العادل لها.
احضرت علبة مرتبة من الشيكولاتة وبعض الحلويات الشرقية الأخرى كي تعبر عن امتنانها لتلك الجارة العطوف التي ساندتها هي و ابنها الطبيب في محنتها...وها هم يجلسون ثلاثتهم يتناوبون الضحكات ويتجاذبون أطراف الحديث ولكن رغم أن كريمة شخصية ودودة غير متكلفة إلا أنرهف كانت متحفظة قلما ما كانت تنطق وتشاركهم الأحاديث فقط كانت تكتفي بالاستماع لهم ببسمة هادئة...
مجبتوش الولاد ليه معاكم والله أنا عاتبة عليكم
قالتها كريمة لتبرر سعاد بخفة
يا طنط احنا قولنا نفصل من زنهم ودوشتهم وبصراحة خوفنا تضايقي أنت والدكتور ده حتى شريف ابن رهف كان نفسه يجي معانا بس رهف مرضتش
زغرتها رهف في الخفاء فنعم أبنها ألح عليها كثيرا كونه يريد أن يرى ذلك الطبيب وكونه احبه وشجعه ولقبه بالبطل ولسبب خفي في نفسها وجدت ذاتها تمتنع بشدة من اصطحابه معها بينما على الجانب الأخر تنهدت كريمة بحزن وقالت
يزعجني ده أيه! ليه كده يا رهف كنت جبتيه يا بنتي والله على قلبي زي العسل وبعدين نضال بيحب الأطفال جدا وعمره ما يضايق منهم
تلعثمت رهف بحرج وردت بمجاملة وهي تزجر سعاد بنظراتها كي تلاحق الموقف معها
معلش يا طنط تتعوض بإذن الله
لتلاحق سعاد زلفة لسانها وتدرك أنها احرجتها
ايوة يا طنط اكيد رهف هتكرر الزيارة هي ملهاش حد و انتوا جيران والجيران ملهاش إلا بعضيها
اجابتها كريمة بمودة
النبي وصى على سابع جار وياريت يا بنتي والله دول ينوروني... ربنا يحفظلك ولادك ويخليهملك يا بنتي
أمنت رهف على دعواتها بشدة بينما صفنت كريمة لثوان تزامنا مع وصوله لتوه ودلوفه من باب الشقة قائلا بصوت جهوري مشاكس كعادته
يا كرملتي أنا جيت ومېت من الجوع ولو ملحقتنيش بلأكل هاكل حتة منك...
ابتلع باقي حديثه المشاكس لوالدته حين انتبه اخيرا لوجودهم ولاحظ تلك البسمات التي يكتموها ليفرك أنامله بين خصلاتها الشقراء ويتلعثم بحرج
أحم ...ايه الاحراج ده...مش تقولي يا كرملة ان عندنا ضيوف
تدخلت سعاد مبررة
معلش بقى يا دكتور إحنا اللي كان مفروض نبلغكم قبلها
نفى بسبابته وقال برحابة شديدة وبوجه بشوش للغاية
لا انتو تشرفونا في اي وقت والله البيت نور يا مدام سعاد
قالها وهو يمد يده يصافحها
لتصافحه سعاد وإن جاء دور رهف كانت تكاد ټموت بخجلها كلما تذكرت كونه حملها وشهد على تلك الحالة المريعة التي كانت عليها لذلك مدت يدها بحرج وهي تنكس نظراتها بتحفظ شديد دون حتى أن تبتسم بمجاملة لوهلة تجمدت خضراويتاه عليها قبل أن يهدر بأدب
نورتونا يا مدام رهف
شكرا
قالتها بإقتضاب شديد وهي تحث سعاد على المغادرة حتى أنها من شدة حرجها لم تنتبه أنها لم تشكره حتى أو تمدح شهامته حينها.
انصاعت سعاد لرغبتها قائلة
طب بعد اذنكم بقى علشان الولاد لوحدهم مع المربية وزمنهم طلعوا عينها
عاتبتهم كريمة بود
لسة بدري يا ولاد والله ما لحقتوا
معلش يا طنط تتعوض
وإن كادوا يصلون لباب الشقة قال نضال بتردد وهو يمسد بسبابته منحدر انفه بحركة ملازمة له حين يتوتر
مدام رهف أنا كنت حابب ابعت معاك حاجة ل شريف...ممكن
تناوبت رهف نظراتها المرتبكة بينه وبين سعاد وردت
حاجة ايه يا دكتور
أجابها
متابعة القراءة