بقلم مياده مأمون

موقع أيام نيوز


شرودها على صوته الغاضب وهو يفزعها بصراخه. 
سااااااااره! 
هاه نعم. 
ها ونعم! بقالي ساعه مستني منك اجابه وانتي سرحانه في ايه. 
للدرجه دي سؤالي صعب بقولك روحتي فين امباوح 
ها ااانا مش روحت في حته انا بس كنت خاېفه منك يا بيجاد وكنت فاكره اني لما ابعد عن هنا هاسترد حريتي لكن اكتشفت العكس خۏفت اول ما شوفت عسكري ماشي قريب مني. 

وقررت اني ارجع ليك تاني. 
عايزه تفهميني انك من ساعة ما خرجتي الساعة خمسة المغرب ولحد ما رجعتي الفجر مافيش حد قابلك غير عسكري ماشي في البلد وهو دا اللي خۏفك 
طب ما انتي بتعرفي تحوري اهو اومال عامله فيها البنت البريئة ليه
بعين زائغة قررت أن تهرب من أسئلته. 
وانا هاحور عليك ليه بص هو ده اللي حصل عايز تصدق صدق مش عايز انت حر بقى ااانا هاروح ليامن. 
حاولت الهروب مسرعه من عينه الغائرة 
لتجده يقف سريعا مجتذبها داخل غرفة مكتبه مغلقا بابها عليهم. 
واذا به يجذب حجابها من علي رأسها محتجزها بين يديه واضعا يده اليسرى على الحائط بجانب وجنتها اما يده اليمني
فكانت تضغط على خصرها بقوه وهو يعيد نفس سؤاله عليها. 
كنتي فين امبارح يا ساره
صړخة اه متألمه صړخت بها أثر ضغط يده على جانبها محاوله ابعاده عنها بوضع
يدها على صدره لتزجه بعيدا عنها 
ولكن هيهات هو كالجبل لم يتزحزح من مكانه. 
اه اوعي ايدك دي من عليا بتوجعني. 
مش قبل ما تتكلمي وتقوليلي الحقيقه انطقي قعدتي عشر ساعات بره الڨيلا كنتي فين 
حاضر حاضر هاقول بس سيبني ورحمة زياد عندك سيبني. 
لانت قبضة يده عليها وامسك يدها واذا به يدفعها نحو الاريكه الموضعه بغرفة المكتب. 
لترتمي عليها وهي تبكي بكاء حار 
جلس بجانبها مجتذبها على قدمه ضاممه الي صدره بقوة وكأنه يجبرها على أن تتعود بتملكه لها
انطقي بقى مش عايز اتعصب عليكي اكتر من كده. 
حاضر هاقول بس لازم تفهم انك انت اللي وصلتني للتفكير ده 
انا كنت عايزه اهرب واخلص من زلك ليا وجبروتك ده خرجت من الڨيلا وفضلت امشي كنت عارفه انك هاتدور عليا في كل حته
قولت لنفسي احسن حاجه اعملها اني اروح محطة القطر و اسافر اي حته بعيد عنك. 
امممم وروحتى بقى من هنا لحد المحطه ازاي اظن دا مشوار كبير اوي عليكي. 
هو فعلا مشوار كبير عشان كده لما وصلت هنا اغمى عليا لأني روحت ورجعت مشي. 
اعدل رأسها من علي صدره وضم وجنتيها بين كفيه. 
طب وليه ضيعتي الفرصه دي من ايديكي ورجعتي ليا تاني 
أنزلت كفيه من علي وجهها بيديها ووارت عيناها متحاشيه النظر اليه. 
مش كان معايا فلوس عشان اقطع تذكره لأي قطر ولما قعدت في المحطه كان في عسكري قريب مني لما لقاني طولت في القاعده قرب مني 
بجد خۏفت وجريت بره المحطه ومش لاقيت اي مكان تاني اروحه غير اني ارجع. 
جذب شعرايتها ضاممها الي صدره مره اخري ضاغطا بذقنه بقوه على رأسها. 
ومش هاتمشي تاني مش هتعمليها تاني يا سارة مفهوم. 
اه ه ه 
حاضر والله مش هعملها تاني بس حرام عليك كفايه ضغط عليا بقى. 
تركها من بين يديه وهو يأمرها. 
قومي روحي ليامن وإياكي تلبسي حجابك عليكي طول مانا هنا أوتكسري كلامي تاني. 
وضعت حجابها أعلى كتفيها وجرت نحو الباب ولكن قبل أن تفتحه همست غير ملتفتة له. 
هو انت عملت اي في القضية هو انا لسه ممكن اتحبس يا بيجاد 
بتسألي ليه 
مش قولت انك هاتخلصني من الحكايه دي هو انا هافضل مهدده كده يعني 
شعرت به يقترب بشدة منها الي ان وجدت نفسها ملتصقة به ويداه تقربها بصدره ويغمر وجهه في ثنايا عنقها من الخلف. 
لاء مش هاخلصك هاسيبك كده اذا كنتي عارفه انك ممكن تتحبسي وسيبتيني وهربتي بسهوله اومال لو خرجتك من القضية هتعملي اي. 
وبحركه ماهره من يداه لفها اليه لتجد عينها اسيرة لتلك السهام التي يطلقها عليها وسط وحشة ليله المظلم وكأنه كان ينومها مغنطيسيا بين يديه. 
لتهمس له بها صريحه و يسمعها منها جيدا. 
اطمن مش هاعرف اسيبك تاني انا مش ليا مكان تاني غير هنا. 
بنظرة حائرة تركها من بين يديه مبتعدا خطوتان للخلف 
مخفضا رأسه مغلقا عيناه حتي يحررها من اسرها
بالأصل كان يريد أن يظل هو سجانها وتكون هي اسيرته ليصبح هو في لحظة أسير عينيها. 
اعطي لها ظهره ظنا انه بذلك هاربا منها وخرج صوته متحشرجا من حنجرته. 
اخرجي بره دلوقتي حالا روحي فطري يامن يلاا. 
تملكت القشعريرة من جسده عندما وضعت كفها على كتفه وهمست له
حاضر هاخرج افطر يامن واللي انت هاتقولي عليه هاعمله عارف ليه يا بيجاد. 
الټفت بوجهه فقط لها واجاب بكلمه واحده. 
ليه. 
عشان انا واثقه فيك وعارفه انك طيب زي زياد الله يرحمه بالظبط. 
ما كان منه إلا أنه ابتسم ساخرا مما تلفظت به وابتسم على حديثها. 
انتي يا اما هبله زي زياد يا اما زكيه اوي وفي حاجه في رأسك بتفكري فيها وعايزه تنفذيها. 
احسب اللي تحسبه مسير الايام تثبتلك اني مش زي مانت فاكر. 
موافق بس من هنا لحد ما ده يحصل مش عايز منك غلطه واحده كل اللي اقوله يتنفذ مفهوم. 
مفهوم طبعا عن اذنك بقى. 
ترجلت للخارج وهي سعيده يبدو أنها قد وضعت قدميها على اولي درجات القرب من قلبه قبل أن تصل إلى عقله. 
علي عكسه تماما كان الوضع أقرب للجنون ظل ثابتا مستندا على مكتبه يحاول لملمة شتات عقله الذي بدئ يميل نحوها
في الأساس كان يريد أن يروضها يقسو عليها لا يريد أن يرضخ لها ليخرجه من شروده صوت الهاتف.
الو وعليكم السلام مين معايا 
........ 
مستشفى مستشفى اي 
........ 
اه عمي مهران خير حصله حاجه
......... 
امتى
حصل الكلام ده 
..... 
تمام انا هاحضر كل حاجه واجي استلم . 
أغلق الهاتف متذكرا حديث صغيره. 
يا ترى لما تكبر هاتفهمني وتسامحني ولا هاتكرهني. 
كانت جالسه تطعمه وتمرح معه على طاولة الطعام إلى أن وجدو ابيه يخرج مندفعا من غرفة مكتبه ويجهر بصوته على حارسه
حمااااااد حمااااد..
وقفت هي من مقعدها مقتربه منه لكنه اوقفها بأشارة من يده
خليكي مكانك اقعدي مع الواد لحد ما ارجع.
ترجع منين هو في حاجه حصلت 
جدو ماټ! 
قالها وهو ينظر إلى ولده ليراه يشهق بخفه ودموعه تسترسل على وجنتيه دون أن يخرج صوتا. 
شهقت هي بصوت مرتفع واضعه كفها على ثغرها. 
اخرسي مش عايز اسمع صوتك خدي الواد واطلعي على فوق يلااا. 
جرت على الصغير تحمله وذهب هو للخارج بعد أن رأها تستمع لما قاله وتصعد الي الأعلى. 
وقف أمام حارسه يلقى عليه بعض الأوامر. 
خد مفاتيح قبر ابويا وهات الحانوتي واستناني هناك. 
خير يا ولدي الا يكون 
ايوه عمي مهران ماټ. 
لا اله الا الله انا لله و انا اليه راجعون الباقيه في حياتك يا ولدي. 
بعين جامده القى له المفاتيح. 
بطل رغي يا راجل انت واوعى من وشي خليني أنجز اليوم ده واخلص منه. 
أزاحه من أمامه وركب سيارته وادارها متجها الي وجهته ممسكا بيده الأخرى هاتفه ليخبر صديقه بما حدث. 
ايوه يا حسن حصلني على مستشفى... انت والرجاله مهران الألفي ماټ ورايح أخرجه عشان ادفنه. 
ثم أغلق الهاتف دون أن عملته فينا كلنا. 
ياه دانت حسابك تقيل اوي يا عمي تصدق انا شايل همك كتابك مليان بالذنب وأولهم اكبر ذنب 
قتل ابويا يا عمي اخوك اللي مالحقتش لا انا ولا اخويا نشبع من حنانه
اخويا زياد يا عمي فاكره اللي كان اخر ذنب بردو ليك انت اه بحملك ذنبه هو كمان عشان لولاك مش كان صاحبك قټله 
بس اقولك على حاجه انا هاخفف من ذنوبك وهاشيل من عليك شويه واسامحك
اه انا مسامح في حقي اللي عندك مسامحك على كل العڈاب اللي عذبتهولي 
يلا اديني شيلت من كتابك اهم واكتر ذنب شايله ربنا بقى يرحمك في الباقي 
واخيرا مد يده ساحبا الغطاء على وجهه وهو يردد
انا لله وانا اليه راجعون. 
عاد برجاله الي منزله بعد أن تمت مراسم الډفن تركهم بالخارج ودلف هو وصديقه داخل الڨيلا وضعا كفيه على أذنيه يكاد يصمهم أثر ثرثرة حسن الذي لا يمل من ذلك الحديث الغير مجدي بأي شئ الي ان صړخ فيه 
كفايه بقى يا حسن قولتلك مش هعمل عزا انا حر يا اخي هو اللي ماټ ده عمي انا ولا عمك انت ارحمني واسكت شويه بقى يا اخي.
الفصل السادس عشر
نفض صديقه يده بضجر من كلماته المحتقنه. 
خلاص يابا بكيفك انا بس كنت بقول على شكلك قصاد اهل البلد الناس كلها كانت بتصلي على عمك في الجامع وكلهم عرفو والكل هيسأل ازاي بيجاد الألفي المحامي المعروف مايعملش لعمه اللي هو كان في يوم من الايام كبير البلد دي عزا!
البلد كلها عملو الواجب في الجامع وحضرو الدفنه كمان خلصنا بقى 
انا مش هافضل طول حياتي اخد عزاهم واحد ورا واحد مش عايز ادخل حزن في بيتي تاني 
خلاص يا حسن مبقاش فاضل من العيله دي غيري انا وابني 
ابني يا حسن اللي مش عارف انا دلوقتي بقيت اي بالنسبه ليه 
مش عايز اكون في نظره مهران الألفي نمره اتنين. 
بيجاد! 
ها هم يلتفوا برأسهم جهة الدرج 
ليجدها تترجله وهي تحمل الصغير ولكن ما ادهشه انها لم تهيب صديقه
كان من المفترض انها حين تراه على الاقل تتذكر ما فعله بها وتخشي الوقوف امامه 
كيف بها بعد كل ما فعله ان تتحرك بتلك الراحه النفسيه وتقف أمامه بهذا الثبات.
كالبدر يتوسط سماء مظلمه
كوردة تيوليب بيضاء تتلفح بزهور الزنبق الأسود يفوح منها عبقها ليجتذبه إليها بشدة. 
قبل أن تخطو خطوتها الأخيرة كان هو امامها يتصدي ترجلها درجة أخرى. 
ايه اللي نزلك من فوق وايه اللي انتي لابساه ده. 
أيه في ايه مانا لابسه حجابي عليا زي ما قولتل
ي اهو ولا انت عايزني اقلعه كمان وصاحبك موجود. 
دا انا كنت قطعت رقبتك انا مش بتكلم عن الحجاب واخلصي وقولي عايزه ايه
يامن عمال يعيط انت يعني مش واخد بالك
هاتيه واتفضلي على فوق مش عايز المحك قدام عيني دلوقتي خالص. 
يووووه حاضر. 
أعطته طفله وجرت للأعلى وظل هو ثابتا الي ان اختفت عن عينه. 
ليلتفت الي صديقه ويلمحه وهو يتطلع إليها وعينه متركزه على أعلى الدرج بشرود.
حسسسسن.
اخفض حسن رأسه سريعا وانتفض الصغير على صدره ليشعر برجفته ويضمه جيدا ويجلس به على الاريكه.
ما تقعد يا حسن واقف ليه
لاء خلاص بقى طلاما مش هتعمل عزا يبقى قعدتي هنا مالهاش لازمه انا هاخد الرجاله ونرجع علي المزرعه. 
واذا به يفر هاربا قبل أن يتلفظ الاخر بأي كلمه أخرى 
بينما كان هو جالسا ېحترق من داخله يتلفظ هامسا لنفسه.
يا رب الضربه المره دي ماتجيش منك انت يا حسن.
بابي!
ربت على ظهر صغيره بحب وابعده قليلا حتى يتمكن من رؤية وجهه الجميل
سحب منديلا ورقي من تلك العلبه الموضوعه أعلى المنضده الصغيره وبدء يجفف له عبراته.
بټعيط ليه
عسان كان نفسي اقعد اتكلم معاه ومس لحقت كنت عايزه يعلفني يعرفني وانا اعلفه
 

تم نسخ الرابط