رحله الاٹام
المحتويات
تلك وظهر الاستغراب في نظراتها إليه ومع ذلك حافظت على معاملتها المتحفظة معه بردها المقتضب
أها .. أوكي.
ثم التفتت ناظرة إلى رفيقتها لتخاطبها
أنا ماشية لو جاية معايا تعالي أوصلك في سكتي.
في الحال قبلت دعوتها وردت
طيب...
ثم استدارت تستأذن ضيفها لهذا اليوم بالذهاب وهي تمد يدها لمصافحته
فرصة سعيدة يا دكتور مهاب.
أنا الأسعد.
في خبث ماكر وجه حديثه إلى فريسته الجديدة مخاطبا إياها
عندي أمل نتقابل تاني يا ناريمان هانم.
مطت فمها مرددة
ممم.. أكيد عن إذنك.
انصرفت مجاورة لرفيقتها فظلت نظراته الثاقبة عليها حتى اختفت عن محيط نظره وقتئذ همهم معقبا بخفوت ساخر
تقيلة! بس على مين!!
كله في الآخر بيجي تحت رجلي!
اعتمادا على ما كان بينهما سابقا من صداقة قريبة توطدت في وقت وجيز علاقتهما الجديدة كزوجين متفاهمين مما دفع ممدوح للتجرؤ واقتراح ما لم تفكر فيه زوجته مطلقا أو حتى يطرأ ببالها ألا وهو طرد المربية الأجنبية التي تسببت في إذاقتها ألوان الإذلال والانكسار. اړتعبت تهاني من مجرد الفكرة وتوسلته ليعدل عنها في توجس ظاهر
استنكر رهبتها كما أحس كذلك بالتوتر المخلوط بالخۏف في لهجتها خاصة عندما واصلت على نفس النهج
مهاب مش هيعدي الحكاية دي على خير وجايز يقلب عليا وأنا مش عاوزة عداوة معاه.
احتضن جانب وجهها بيده وأكد لها في ثقة تامة
متقلقيش هو مايقدرش يقولي لأ في أي حاجة.
بدت غير مقتنعة بما يقول فاستمرت في التشديد على صدق نواياه
عكس وجهها الشاحب قلقها الزائد من تطبيق ذلك فعليا وأبقت على اعتراضها المرتاع
بس آ...
أوقفها قبل أن تكمل جملتها بسؤاله المعاتب
تاني هتعارضيني يا حبيبتي مش واثقة في قدراتي ولا إيه
بررت له أسباب ذعرها
أنا مقدرش أتوقع اللي ممكن يعمله إنت أكتر حد عارف شره ممكن يوصل لإيه.
إنتي ماتعرفنيش كويس وده يزعلني على فكرة!
انتصبت شعيرات يديها مع لمساته الرقيقة المداعبة فانتقل إلى المستوى الأعمق في استثارة مشاعرها مثلما يجيد ليستحثها على الاعتراف له فجأة وبشيء من الاندفاع
ممدوح تعرف أنا بدأت أحس فعلا إنتي متجوزة راجل بجد خاېف عليا.
مش عاوزة أفوق من الأحلام الجميلة دي ألاقي الدنيا مهدودة فوق راسي أنا ممكن أنهار وأروح فيها.
ليأتيها بعدئذ صوتها الهادئ والمؤكد لما تتوق لسماعه
اطمني طول ما أنا جمبك مش هتشوفي غير كل حاجة حلوة.
أغمضت عينيها في راحة تاركة لنفسها الحرية الكاملة للتلذذ بهذا الإحساس النفيس وراحت تردد في رجاء منقطع النظير
يا ريت!
اجتمع كلاهما على مائدة طعام واحدة تبادلا فيها النظرات الكارهة والمشاعر النافرة ولم يحاول أيهما إخفاء ذلك الإحساس أو إنكاره. حدق ممدوح بنظرات مطولة وحادة وبتعابيره المتجهمة في وجه الصغير الجالس على يمينه بعدما احتل مقعد رأس الطاولة كأنما يملك هذا البيت وجميع من فيه يخضع لإمرته. استطرد متحدثا إليه في بغض ظاهر في نبرته قبل ملامحه
كأني شايف أبوك قصادي.
تضمنت جملته إهانة متوارية
ووصل مضمونها للصغير وما عزز من شعور النفور ما فاه به بتأفف
نفس سحنته وبصته!
احتقنت عينا أوس بوضوح وانعكس على تقاسيمه الضيق حدجه بنظرة ڼارية ناقمة فاشتاط منها ممدوح وحذره في غلظة رغم خفوت صوته
ماتبحلقش أوي كده.
ببراءة صريحة أخبره الصغير
أنا مابحبكش!!
التوى ثغره بشبح ابتسامة متهكمة قبل أن يجيء تعقيبه مغلفا بالإهانة
ولا أنا يا .. ابن مهاب!
شتت طوفان حرب النظرات المتبادلة بينهما عودة تهاني من المطبخ وهي تحمل في يديها أطباق الطعام الشهية رصتها في موضع كل فرد وقالت بتفاخر
بصوا بقى النهاردة أنا عاملة الأكل بإيدي يا رب يعجبكم.
نظرة ماكرة سددها ممدوح للصغير وهو يمتدح مجهودها المبذول
أي حاجة منك حلوة يا حبيبتي.
تحرجت للغاية من تصرفه المتجاوز وحذرته في ارتباك وهي تحاول التملص منه
ممدوح مايصحش كده ..
لم يفلتها منه فاستمرت تضغط عليه بتوتر
أوس قاعد!
قصد النظر بعينين مليئتين بالتحدي إلى الصغير وقال في شيء من الاستفزاز
معقول هيغير مني عشان بعبر عن حبي ليكي!
ثم أعطاها قبلة أخرى جائعة جعلت أوس يتحفز في جلسته ويزداد وجهه اشتعالا واستنكارا لما يقوم به. بالكاد نجحت تهاني في التخلص من حميميته المخجلة لها وهمست في تدليل
خلينا لما نكون لواحدنا.
رد غامزا بطرف عينه
مستني ده على ڼار.
اتجهت تهاني والحرج مستبد بها إلى جانب طفلها حاولت حثه على تناول الطعام بقولها الحاني
كل يا حبيبي خلص طبقك كله.
فقد الصغير شهيته جراء ما شاهدته وانتفض ناهضا في عصبية ليقول بوجوم شديد
مش جعان.
استاءت من تصرفه الطفولي وألحت عليه بتصميم
إنت مكالتش حاجة كده هزعل منك يا أوس!
نظر لها بغيظ وانطلق دافعا إياها بقدر من الخشونة ليتجاوزها تفاجأت من معاملته المتجافية معها ووبخته في صدمة مستهجنة
إنت هتسيبني وتمشي!
تجاهلها عن عمد فصاحت من ورائه تناديه بضيق أكبر
أوس!!!
تدخل ممدوح من تلقاء نفسه في شأنه هادرا به بخشونة أجبرته على التوقف والاستدارة
استنى هنا!
احتدت نظرة الصغير إليه فتابع زوج والدته تعنيفه المهدد
مش مامتك بتكلمك يبقى تقف وتسمعها وإلا هتشوف الو شالتاني!
اضطربت تهاني من صدامهما الأول وهتفت في قلق وجل
خلاص يا ممدوح مافيش داعي سيبه على راحته...
ثم وجهت حديثها إلى طفلها تأمره بلطافة غريبة
امشي يا حبيبي على أوضتك.
أبدى ممدوح انزعاجه من تراخيها الواضح في أسلوب تنشئتها له وعبر عن ذلك قائلا
دلعك ده هيبوظه الولاد عاوزين الشدة والحزم.
أخبرته بهدوء ما زال مشوبا بالقلق
أنا عارفة بس بالراحة شوية الوضع متغير عليه وهو أكيد مستغرب اللي حاصل اديله وقته وهو هيتعود صدقني.
زم فمه للحظة قبل أن يعلق
طالما إنتي شايفة كده.
كغيمة تكونت فجأة وانقشعت من السماء تبدلت أحوال ممدوح المزعوجة إلى أخرى مرتخية متأهبة فأخذ يغازلها بالمعسول من الكلام ليضمن تأثيره واستحواذه على كل ذرة تخصها
بس إيه الحلاوة دي أنا محظوظ بيكي يا حبيبتي.
ابتسمت في رقة حين ردت
أنا الأكتر ربنا يخليك ليا.
ترقرق كثيرا في ملاطفته لها حتى تبدد ما كان من توتر مشحون لتنسى بعد برهة شأن صغيرها وتتلهف بوجدانها لتذوق ذلك النعيم الزائف المقدم إليها !!
يتبع الفصل الخامس والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
ألن ينزاح الهم أبدا
لم ينجح في مغالبة شعوره بالضيق والذي ظل ملازما له منذ سفر رفيقه وبقائه في منزله كالضيف الغريب خاصة مع غموض موقفه تجاه استمرار هذه الزيجة والتي تخطت في مدتها ستة أشهر. سرح ممدوح في أفكاره المزعوجة خاطب نفسه في شيء من التشاؤم المرادي طولت الغيبة أوي يا مهاب سبتني لابس في مصېبة وإنت عايش حياتك!
فرك طرف ذقنه وواصل ذلك الصوت الكلام في طيات رأسه بما بدا أشبه بالوعيد
مسيرك هترجع هتروح مني فين ما هو لازم يكون لليلة دي نهاية!
في خضم شروده المعتاد لم ينتبه ممدوح لقدوم زوجته لتجلس معه بدت بهية الطلة وهي ترتدي أفضل ما لديها من ثياب مغرية لتمنحه نفحة جديدة ومتجددة من السعادة المشوقة ونظرت إليه بشغف وهي تسأله
حبيبي سرحان في إيه
أجاب نافيا وهو يلصق بثغره هذه الابتسامة المتصنعة
مافيش يا قلبي.
زوت ما بين حاجبيها متسائلة بإصرار
هتخبي عليا برضوه مش احنا اتفقنا نكون صرحا مع بعض على طول
تعلل بحجة كاذبة لينجو فقط من حصارها المزعج له
يعني الدنيا مقفلة شوية معايا وأنا مش عارف أجيبلك بيت كويس نعيش فيه.
دون تفكير مسبق أخبرته بنزق وقد سحبت ذراعها لتمسك بكفه وتحتضنه بين راحتيها
أنا حالي ومالي ليك.
نظر لها باهتمام فقد غفل عن أنها أصبحت ميسورة الحال بعد تبدل وضعها الوظيفي واقترانها بسليل عائلة الجندي لسنوات حتما جيبها لن يكون خاليا من الأموال. سرعان ما حول تحمسه الفجائي لامتعاض عابس وهو ينهرها كأنما قد استاء من تلميحها
الكلام ده مش عايز أسمعه منك!
استندت برأسها على كتفه وخللت أناملها بين أصابعه لتتشابك معا ثم رفعت يدها الأخرى الطليقة نحو عنقه لتداعبه برفق قبل أن تصر عليه بكلامها
يا حياتي أنا وإنت بقينا واحد وكل اللي معايا ليك ول أوس!
الإتيان على ذكر ذلك الصغير المغيظ له جعل دمائه تتحفز وينتابه شعور الغيرة والحقد تجاهه. كان ممدوح متأكدا أن زوجته لن تبدي رفضها لأي مقترح يطرحه عليها خاصة بعدما تمكن منها وعرف كيف يستحوذ على وجدانها قبل عقلها فأصبحت معه كالمغيبة تساق كالبهائم إلى حيث يريد لهذا انتهز الفرصة ليقترح عليها إرسال طفلها إلى مدرسة داخلية متخصصة فقط في تنشئة وتعليم أبناء الطبقة الراقية حتى يتمكن تماما من الانفراد بها ونهب ما تملك بمكر وعلى راحته. اندهشت لما فاه به وهتفت في اعتراض بعدما استعادت يديها
مدرسة داخلي أوس صغير أوي على كده بيتهيألي مالوش لازمة!
صمم على اقتراحه بجدية غريبة
صدقيني ده هيفيده ويعلمه الانضباط.
صمت أذنيها عن كلامه وهتفت تخبره بملامح متجهمة قبل أن تنهض من جواره
إزاي أوافق بده وأنا عملت كل حاجة صعب تتخيلها عشان أفضل جمبه!
كان جيدا في قراءة تعبيرات الوجه وعلم من قسماتها أن استمراره بالضغط عليها لن يؤتي بالنتائج المرجوة لهذا ادعى تراجعه عن الأمر وقال في دبلوماسية وقد نهض هو الآخر
ده مجرد رأي يا حبيبتي وإن كنت بفكر بالشكل ده فعشان تحطي في اعتبارك مستقبلك وماتفضليش كده متعطلة بسبب طفل صغير.
استدارت لتواجهه وهتفت بتحفز
اللي بتتكلم عنه ابني الوحيد.
وضعت كلتا يديه على منبتي ذراعيها مسدهما في رفق وقال باسما
يا حبيبتي ده هيروح أحسن مدرسة هتعلمه كل حاجة على أصولها ما إنتي بنفسك شايفة مغلبنا إزاي مع المربيات.
كان محقا في الجزئية الأخيرة من حديثه ف أوس لا يتوقف أبدا عن التشاجر مع المربيات ولا عن افتعال المشاكل معهن حتى يعتذرن عن العمل. التقط ممدوح لحظة التردد التي سادت في تعابيرها وقال
في خبث ليقنعها
وبعدين مهاب ماعندوش مانع بكده.
سألته في دهشة كبيرة
إنت كلمته
تصنع الابتسام وأجابها في هدوء جاد
اقترحت الحكاية عليه وسط مواضيع تانية وكان رأيه زيي نعمل الأصلح ل أوس.
انعكس التردد على محياها ومع ذلك لم تعطه الرد القاطع وتكلمت بعد تنهيدة سريعة
طب سبني أفكر الأول وأدرس الموضوع.
اتسعت ابتسامته الماكرة أكثر وأبدى ترحيبه قائلا وهو لا يزال يجري بيديه صعودا وهبوطا على طول ذراعيها
خدي راحتك يا حياتي اللي يهمني في النهاية إنه يكون زيك أحسن حد.
تساءلت تهاني بعدئذ وهي تهم بالسير لتعود إلى حيث كانا يجلسان في الأول
هو مهاب مقالكش راجع امتى
مط فمه قليلا ثم جاوبها بعدما استقر مجاورا لها
ماظنش دلوقتي الباشا أبوه تعبان وهو موجود مكانه.
تنهدت في ارتياح شديد
متابعة القراءة